top of page
مِن رَوائِع الْقَصائِدِ

 

قال الإمام الشافعى رحمه الله تعالى

 

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلــــــــفا               فدعه ولا تكثر عليه التأســـــــــفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة               وفي القلب صبر للحبيب وإن جـفا
فما كل من تهواه يهواك قلبـــــــــه               ولا كل من صافيته لك قد صـــــفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعـــــة               فلا خير في ود يجيء تكلــــــــــــفا
ولا خير في خل يخون خليلــــــه               ويلقاه من بعد المودة بالجـــــــــــــفا
وينكر عيشا قد تقادم عهــــــــده                 ويظهر سرا كان بالأمس قد خـــــفا
سلام على الدنيا إذا لم يكـــن بها               صديق صدوق صادق الوعد منصفا

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

أغيب وذو اللطائف لا يغيب              وأرجوه رجاء لا يخيـــــــــب 
وأسأله السلامة من زمــــــان             بليت به نوائبه تشيـــــــــب 
وأنزل حاجتي في كل حـــــال              إلى من تطمئن به القلـــــوب 
فكم لله من تدبير أمـــــــــــــر             طوته عن المشاهدة الغيـــوب 
وكم في الغيب من تيسير عسر            ومن تفريج نائبة تنــــــــــــوب 
ومن كرم ومن لطف خــــــفي             ومن فرج تزول به الكـــروب 
ومن لي غير باب الله بـــــاب            ولا مولا سواه ولا حبيـــــــب 
كريم منعم بر لطيـــــــــــــــف             جميل الستر للداعي مجيـــــــب 
حليم لا يعاجل بالخطــــــــــايا             رحيم غيث رحمته يصــــــــوب 
فيا ملك الملوك أقل عثـــــاري            فإني عنك أنأتني الذنــــــــــوب 
وأمرضني الهوى لهوان حــظي            ولكن ليس غيرك لي طبيـــــب 
فآمن روعتي واكبت حســـودا            فإن النائبات لها نيــــــــــــــوب 
وآنسني بأولادي وأهـــــــــلي            فقد يستوحش الرجل الغــريب 
ولي شجن بأطفال صغــــــــــار            أكاد إذا ذكرتهــــــــــــــــم أذوب 
ولكني نبذت زمام أمــــــــــري           لمن تدبيره فينا عجيــــــــــــــــب 
هو الرحمن حولي واعتصـــــامي           به وإليه مبتهلا أتيـــــــــــــــــب 
إلهي أنت تعلم كيف حــــــــالي           فهل يا سيدي فرج قريـــــــــب 
فيا ديان يوم الدين فــــــــــــرج           هموما في الفؤاد لها دبيـــــــــــــب 
وصل حبلي بحبل رضاك وانظر          إلي وتب علي عسى أتـــــــــوب 
وراع حمايتي وتول نصــــــــري           وشد عراي إن عرت الخطـــوب 
وألهمني لذكرك طول عمـــــــري           فإن بذكرك الدنيا تطيــــــــــــــب 
وقل عبد الرحيم ومن يليـــــــه            لهم في ريف رأفتنا نصيــــــــــب 
فظني فيك يا سندي جميــــــل            ومرعى ذود آمالي خصيـــــــب
وصل على النبي وآلــــــــــــــــه             ما ترنم في الآراك العندليـــــب

 

 

------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

 

قصيدة "الحكمة" للإمام الشافعي

 
   دع الأيام تفعل ما تشاء            وطب نفسا إذا حكم القضاء

  ولا تجزع لحادثة الليالي            فما لحوادث الدنيا بقاء

 

  وكن رجلا على الأهوال جلدا            وشيمتك السماحة والوفاء

وإن كثرت عيوبك في البرايا        وسرك أن يكون لها غطاء

تستر بالسخاء فكل عيب          يغطيه كما قيل السخاء 

ولا تر للأعادي قط ذلا           فإن شماتة الأعدا بلاء 

ولا ترج السماحة من بخيل           فما في النار للظمآن ماء 

ورزقك ليس ينقصه التأني         وليس يزيد في الرزق العناء  

ولا حزن يدوم ولا سرور         ولا بؤس عليك ولا رخاء 

إذا ما كنت ذا قلب قنوع          فأنت ومالك الدنيا سواء  

ومن نزلت بساحته المنايا           فلا أرض تقيه ولا سماء  

وأرض الله واسعة ولكن           إذا نزل القضا ضاق الفضاء

 
              دع الأيام تغدر كل حين               فما يغني عن الموت الدواء              

 

 

           ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

قال الإمام الشافعى رحمه الله تعالى 

 

يخاطبني السفيه بكل قبح        فأكره أن أكون له مجيبـــــا 
يزيد سفاهة فأزيد حلما           كعود زاده الإحراق طيبا 
إن لله عبـادا فطـنـا               تركوا الدنيا وخافوا الفتنا 
نظروا فيها فلما علمـوا              أنها ليست لحيّ وطنــــا 
جعلوها لجّـة واتخـذوا              صالح الأعمال فيها سفنا 


و قال رحمه الله قبيل وفاته 


و لما قسا قلبي و ضاقت مذاهبـي        جعلت رجائي دون بابـك سلمـــــا 
تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنـتــــــــــه          بعفوك ربي كان عفـوك أعظـمــا 
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل         تجـود و تعفـو منـة و تكرمـــــــــا 
فإن تنتقـم منـي فلسـت بآيـــــس           ولو دخلت نفسي بجرمي جهنمـــــا   
و لولاك لم يٌغوى بإبليـس عابـــد          فكيف و قد أغوى صفيـك آدمـا 
و إني لآتي الذنب أعـرف قـدره           و أعلـم أن الله يعفـو ترحــــــمـا 

 

وقال رحمه الله تعالى

 

عُفّوا تَعُفُّ نِسَاؤكُمْ فِي المَحْرَمِ             وَتَجَنَّبُوا مَا لا يَلِيـقُ بِمُسْلِـــــمِ 
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَـإنْ أَقْرَضْتَـهُ              كَانَ الوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكِ فَاعْلَمِ 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الله ضـيـعنا لـمَّـا أضـعنـاه

نايف بن سليمان الشمري
مدرس بالمعهد العلمي بحائل

 
من لي بفجر فما أحلى محيـاه *** يقضي على الليل أولاه وأخـراه
من لي بنور من الآثام ينقذنـا *** إذا أحـبتـنا في غـيهب تـاهوا
يا أيها الفجر كم فيك من أمل *** أرى برؤيـتـه ماض أضعـنـاه
بالله يـا شيخنا ما بـال أمـتنا *** قد ضـيعت مجدنا حتى نسـيناه
بالله يا أبت ما بـال مسجدنـا *** قـفر وما هكذا يـوماً عـهدناه
أين المصلون ماذا حل في بلدي *** وأين قـدوتـنا حـقاً فـقدنـاه
ما بالنا يا أبي نـمشي على مهلٍ *** والغرب يـا أبت يـحدو مـطاياه
صغيرنا يـا أبي يلـهو بدميـته *** وشيخـنا يا أبـي غـرته دنـياه
نشكو إلى الله جهلاً من أحبتنا *** نـشكوا إلى الله مـنهم ما لقـيناه
ومـا أُبرئ نـفسي إنـنا بشرٌ *** نـعشـوا إلى الله أحيـاناً وننساه
ابن الجزيرة يا شيخي يـضلله *** بث من الغـرب يأتينا فـنـرضاه
ابن الجزيرة يهـوى ما يدمره *** البـث يقـتـلـنا والنـاس تهواه
ابن الجزيرة رمز للأولى كتبوا *** سفر الفتوحات مـا أحلى وأبـهاه
ابن الجزيرة تـاج لا يلائمنا *** ابن الجزيرة لـفظ ضـاع مـعناه
ابن الجزيرة شخص مات يا أبت *** ابن الجزيـرة شيء مـا رأيـنـاه
ابن الجزيرة ثوب عز صاحبه *** ولـيس ينفعنا مـهما ارتـديـناه
جراحنا يا أبي في كل ناحـية *** وجـسم أمتـنا يشـكو رزايـاه
وفي كوسوفا بنيات تـعاتبنا *** فنـنـزوي خـجلاً مـما فـعلناه
أمالها من يلم الشعث في عجل *** أمـالـها مـنقـذ والله يـرعـاه
لسنا الذين هتكنا عرضها أبداً *** لكنـنا فـي يـد الباغـي تركـناه
ومـا هدمنا مصلانا بمعولنـا *** كـلا أُخيىَّ ولكـنَّـا هـجـرنـاه
خوف أحاط بنا ذل يلازمـنا *** صـراخ أخـوتـنا شيء ألفـنـاه
تاريخنا مشرق أمدي مواعظه *** هـلاَّ على عجـل يـوماً قـرأنـاه
قل لي بربك عن أسباب محنتنا *** فـربما مجدنا الـماضي أعـدنـاه
فأطرق الشيخ حيناً ثم عاوده *** حـنينه فـارتـوى بالـدمع لحياه
وقال قولة حق لا نظير لـها    ***   الله ضـيـعنا لـمَّـا أضـعنـاه

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

    

 

 

القصيدة للشيخ عائض القرني إلا بيتين اقتبسهما وهما :

بالشَّامِ أَهْلِي وبَغْدَادُ الْهَوَى وَأَنَا **** بِالرَّقْمَتَيْنَ وبِالفِسْطَاطِ إِخْــوَانِي
وأينما ذُكِــرَ اسمُ اللهِ فِي بَلَدٍ****عَدَدْتُ ذَاكَ الحِمَى مِنْ صُلْبِ أَوْطَانِي


فإنَّ هذين البيتين هما لأبي تمام الطائي

 

الوحي مدرستي الكبرى

أنا الحجازُ أنا نجــدٌ أنا يمنٌ**** أنا الجنوبُ بها دمعي وأشجَــاني
بالشّامِ أهلي وبغدادُ الهوى وأنا**** بالرقمتينِ وبالفسطاطِ جِيــراني
وفي رُبى مكةٍ تـاريخُ ملحمــةٍ**** عــلى ثَراها بنينا العالمَ الفانـي
دفنتُ في طيبة رُوحي ووالهفي**** في روضةِ المُصطفى عُمْري ورِضْوَانِي
النيلُ مَائي ومِنْ عَمّانِ تذكرتِـي**** وفي الجــزائرِ آمالي وتِطْــوانِي
دمي تصبّبَ في كابول مُنْسَكِباً**** ودمعتي سُفِحَتْ في سَفْـحِ لُبْنــانِ
فأينما ذُكر اسمُ اللهِ في بلدٍ****عددتُ ذاكَ الحمى من صلبُ أوطــاني
والوحي مدرستي الكُبرى وغارُ حِرا**** ميلادُ فَجْري وتوحيدي وإيماني
وثيقتي كُتِبَتْ في اللّوحِ وانْهَمَرَتْ**** آياتُها فاسألُوا يا قومَ قُـــرآني
جبريلُ يغدو على قومي بأجنحةٍ ****من دوحةِ الطُّهْرِ في نجواهُ عِـرفـاني
بدرُ أنَا وسيوفُ اللهِ راغفـةٌ**** كم حَطّمتْ من عنيدٍ ماردٍ جـاني
كتبتُ تاريخَ أيامي مرتلـةً ****في القادسيةِ لا تاريخَ شِــروانـي
وما استعرتُ تعاليماً ملفقةً ****من صرحِ واشنطنَ أو رأسِ شيطانِ
وما سجدتُ لغيرِ اللهِ في دَعَةٍ**** وما دعوتُ مع معبودنا ثـاني
وما مددتُ يدي إلا لخالقها**** وما نصبتُ لغير الحقِّ مِيـزاني
فقِبْلَتي الكعبةُ الغرّاءُ تعشقُها**** روحي وأنوارُها في عمقِ أجفاني
وليس لي مطلبٌ غيرَ الذي سَجَدتْ**** لوجههِ كائناتُ الإنسِ والجانِ
لا أجمعُ المالَ مالي كل أمنيةٍ**** طموحةٍ تصطلي بركانَ وِجْدَاني
وكل فدم جبانٍ لا يُصاحِبُني**** على الشجاعةِ هذا الدينُ رباني
ليتَ المنايا تُناجيني لأُخبِرَها**** أنّ المنايا أنا لا لونها القاني
لِيَرْمِ بي كُلُّ هَوْلٍ في مَخَالِبِهِ**** ما ضرَّنِي وعيونُ اللهِ تَرْعَاني
مُمَزّقُ الثّوْبِ كَاسِي العِرْضِ مُلتهباً**** أنْعِي المخاطرَ في الدنيا وتَنْعَاني
مريضُ جِسْمٍ صَحِيحُ الروحِ في خَلَدِي**** حُبُّ أحمد من نَجْواهُ عِرْفَاني
بلالُ صَوْتِي هتافٌ كُلُّهُ حَسَنٌ**** أَذَانُهُ في المعالي نَبْعُ آذاني
وعزمُ عمّار في دنيا فُتُوّتِهِ**** أسْقِي شَبابي بِهِ مِنْ نَهْرِهِ الدّانِي
عَصَا الكليمِ بكفِّي كي أهشُّ بِها**** على تلاميذِ فِرعون وهامانِ
ونارُ نُمْرودَ أطفِيها بغاديةٍ**** من الخليلِ فلا النيرانُ تَصْلاني
في حُسْنِ يُوسفَ تاريخي وملحمتي**** من صُنعِ خالدَ لا مِن صُنع ريحاني
داودُ ينسجُ دِرعي والوغى حِمَمٌ**** لا يخلعُ الدّرعَ إلا كَفُّ أكفاني
يا جيلُ يا كل شهمٍ يا أخا ثقةٍ**** يا ابن العقيدةِ من سعدٍ و سلمانِ
يا طارقاً يا صلاحُ الدينِ يا ابنَ جلا ****يا عينَ جالوتَ يا يرموكَ فُرقاني
يا بائعي الأنْفُسِ الشّماءِ في شُهُبٍ***** من الرِّماحِ على دنيا سِجِسْتَاني
يا مَنْ بَنَى المجدَ مِن أغلا جماجمهم**** في شُقْحِبِ النصرِ أو في أرضِ أفغانِ
يا صوتَ عِكرمةَ المبحوحِ يقطعُهُ**** قصفُ العَوالي من سُمْرٍ و مُرّانِ
هيا إلى اللهِ بِيعُوا كلّ فانيةٍ**** فصوتُ رضوانَ نادَاكُم ونَادَانِي

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

قصيدة (حسن الدين وحسن الخلق) والشاعر ابو صهيب

 

(( حُسْنُ الدين ِوالخُلـُق ))

 

خير الأنام إذا ما قال قد صدقا = وأكْمَلُ الخَلـْق ِ مَنْ فاق الورى خُلـُقا

وأحسنُ الناس أخلاقا فـمجلسُهُ = قرب َ الرسول بيوم الحشر قد سَبَقا

أعلى الجنان ذوو الأخلاق مسكنُهُمْ= بشرى الحبيب لهم إنْ قال قَدْ صَدقا

تلقى الكثيرَعلى الاسلام ظاهِرهُمْ = لكنَّ أخلاقهَمْ مَـنْ شـامَها بَصَقا

صلَّى وصام ولا تـَلـْقـاهُ ذا أدَبٍ = إنْ قـال شَـطَّ ولا يخشى وإنْ سرقا

يعصي ويظلمُ ما فاتته معصية ٌ = حـتى الـكـبائر يـغـشاها لو احْتَرَقا

أينَ الصلاة ُ التي لم تنْهَ صاحبَها = أيـْنَ الـحـيـاءُ وَحَـدُّ الله قَـدْ خَرَقا

إني لأعْجَبُ من دين بلا خُلُقٍ = أوْ كـان ذا خُلــُق ٍ ينسى الذي خَلـَقا

أتَدَّعي الدين يا هـذا مجامـلـة ً = والله يـعلم مـا فـي القلب إنْ خَفـَقـا؟

تبدو مَلاكا أمامَ الناس ملتزماً = وإنْ خـلوْتَ فـشيـطـانٌ إذا اسْـتـَرَقا

أليس يعلمُ من يُبدي تـَدَيـُّنَهُ = ويُفْسِدُ النَّاس أنَّ الدينَ قد حَلـَقا؟

إنِّي أخافُ على الاسلام مِنْ رَجُلٍ = قال الرسول بليغ القول قد فَسَقا

هذا المخادع يَسْتهويك مجلسُهُ = عند اختبارٍ فـَذِئبٌ سـاء مُـرْتـَفَـقـا

ما أطيب المرء إنْ طاب َالفؤاد به= والنُّطْق ُطاب كما في القلب وانْطبقا

ما أجمل الدين والأخلاقَ تـَلْبَسُها = هما الـكمـالُ و إلا تـلـبـَس الـخَـلـَقـا

وأي شعب أبى إلا بـِخَـلْـعـِهِـمـا = فاعـلـمْ نـذيـرَ دمــارٍ بـيـنـهـم نـَعَـقـا

دينٌ بلا خُلق كالورد مُفـْتـَقَِدٌ = طـيـبَ الروائح ذاوٍ ما اكتسى ورَقَا
هو المنافق يُبدي حُسْنَ ظاهِرِه ِ= والقلبُ مات ويُخـْفي الخُبْثَ والمـَلـَقا

هل تـَلـْبـَسُ الثوبَ لو ناداكَ مظهرُهُ = ولا مكانَ به إلا وقـد خُرِقا؟

أما الخَلوق ُ ودينُ الله يهجرُهُ = لا يـقبـلُ اللهُ أعْـمالاً بغير تـُقـى

هل تأكلُ النبتة َالخضراءَ مَنْظَرها = بـين الـمـزابل تنمو طولـُها شَهَقا؟

ماذا تقولُ لمن قد لانَ ملمسُهُ = والـسُّـمُّ فيه ومن أنْيابه دَفـَقا

ماذا تقول لمن قد طاب منطِقـُهُ = وعـنـد غَـضْبَتـِهِ بالكفر قد نَطـَقا

ما ذا تقول لمن بالدين مُشـتهِرٌ = عند الحقوق إذا ما طولب انْصَعَقا

مال ُ الحرامِ بظلم ِ الناس يأكـُلهُ = ويـحمـَدُ الله أنْ بـالمـال قد رُزِقا

وكلُّ لحـم نما بالسُّحْت موئـلـه ُ = للـنار حتـما وربـي مالـَهُ مَحَقا

ينسى الإلهَ وفي دنياه مُنـْشَغِلٌ = لا الدين أبقى وفي دنياه قد عَـلـِقا

أما الكريمُ كريمٌ في خلائقِهِ = والـدين ُ منهجُهُ باق ٍ ولو شَهـِقا

من كان ذا خُلق والدين ُ غايتـُهُ = أرْضى الإلهَ وفيه الناسُ قَدْ وَثـِقا

حتى العروسُ إذا ما جاء يخطِبُها = قال الرسول ُ فأعطوهُ إذا طَرَقا
هي السعادةُ طول العُمْر تصحَبُهُ= فالدينُ نـورٌ وأخـلاقٌ بها انـْطلقا

كيف الحياة بلا ديـن ولا خُـلـُقٍ = فالموتُ أرْحَمُ يُنْسي الهمَّ و الأرَقا

فكيف تصبرُ عن فُحْشٍ مجاهرَة ً = وكيف تصبر عن هَرْجٍ إذا نَهَقا

وكيف تصبر عن طَيْشٍ وعربدةٍ = ومنكرات تراها عَمَّتْ الطُرُقا

وكيف تصبر عن حـُكـْمٍ به سـَفـَهٌ = لا يقبلُ الحقَّ مَنْ إنْ قالَـهُ سَحـقا

أعوذ بالله أنْ أحْيا إلى زَمَنٍ = الشَّرُّ فيه يُغَطِّي الكوْنَ والأفـُقا

ما أصعَبَ العيشَ والأخلاقُ غائبَةٌ =عيـش الوحوش ونحيا الخوفَ والقلقا
لا خيرَ في أمَّة ضاع الحياءُ بها = إن ْضاع ضاعَتْ وذاقوا الذل والرَّهـَقا

كم أمة اُهـْلـِكـَتْ ساءتْ خلائقـُهـُمْ = صاروا حديثا فلا تتبعْ مَنْ انْزَلـَقـا

الحُرُّ يبحثُ عن عيش يليق بهِ = ويُـنـْقـِذ ُالناسَ مَنْ بالـشر قد غَرِقا

هي الدروسُ لأهْل العلم موعـِظَةٌ = إذا اتعظتـُمْ فصونوا الدينَ والخـُلـُقـا

لا يستـوي أبـدا ليلٌ بظلمـتهِ =والنور يضحكُ عند الفجر وانفلقا

شتـّان بين حياة الذل تحكمُنا = وبـيـن حـكـم كتـاب اللـه قـد عَـبَـقا

دينٌ عظيمٌ وأخلاقٌ إذا اجْتمعتْ= في المرء نال كلا الداريْن والألقا

والـدُّرَّتـانِ إذا إحـداهـمـا انـْفقـدَتْ = بِئسَ المصيرُ لِمَنْ قَدْ ضَلَّ أو أبَقا

ما أكرم العيش َإنْ عشنا بـِظـِلـِّهِما = نصرٌ وخيرٌ وغـيث ٌ نازل ٌغـَدَقـا

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى

 

أنا الفقير إلـى رب البـريـــــــات            أنا المسيكين فـى مجمـوع حـــــالاتى
أنا الظلـوم لنفسى وهي ظالمــــتي           والخيـر إن يأتنا من عنـده يــــــاتى
لا أستطيع لنفسـى جلب منفعـة           ولا عـن النفس لى دفع المضــرات
وليس لي دونه مـولى يـدبــــرني           ولا شفيع إذا حاطـت خطيئـــــاتى
إلا بإذن مـن الـرحمن خالقنــــــا            إلى الشفيع كما قد جا في الآيــــاتِ
ولست أملك شيئا دونه أبـــــدا           ولا شـريك أنا فـى بعــــض ذراتِ
ولا ظهيـر له كي يستعيـن بـــــه           كما يكـون لأرباب الـولايـــــــــاتِ
والفقر لى وصْفُ ذاتٍ لازم أبدا           كما الغنى أبدا وصْــــــــف له ذاتي
وهـذه الحال حال الخلق أجمعهـم           وكلهـم عنـده عـبـــــــــــــد له آتى
فمـن بغى مطلبا من غير خالقــــه            فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمـد لله ملء الكـون أجمعـــه            ما كان منه وما من بعد قــــد ياتى

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إبراهيم علي بديوي

 
 رائعة شعريه للشاعر إبراهيم علي بديوي وهو سوداني الجنسية كان رحمه الله تعالى عميد المعهد الدينى بمحافظة الإسكندرية بجمهورية  مصر العربية قال رحمه الله تعالى  


بك أستجير ومن يجير سواكا *** فأجر ضعيفا يحتمي بحماك 
إني ضعيف أستعين على قوى *** ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا 
أذنبت ياربي وآذتني ذنوب *** مالها من غافر إلا كا 
دنياي غرتني وعفوك غرني *** ماحيلتي في هذه أو ذاكا 
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا *** بكريم عفوك ما غوى وعصاكا 
يا مدرك الأبصار ، والأبصار لا *** تدري له ولكنهه إدراكا 
أتراك عين والعيون لها مدى *** ما جاوزته ، ولا مدى لمداكا 
إن لم تكن عيني تراك فإنني *** في كل شيء أستبين علاكا 
يامنبت الأزهار عاطرة الشذا *** هذا الشذا الفواح نفح شذاكا 
يامرسل الأطيار تصدح في الرُبا *** صدحاتها تسبيحة لعُلاكَ 
يامجري الأنهار : ماجريانها *** إلا انفعالة قطرة لنداكا 
رباه ها أنا ذا خلصت من الهوى *** واستقبل القلب الخلي هواكا 
وتركت أنسي بالحياة ولهوها *** ولقيت كل الأنس في نجواكا 
ونسيت حبي واعنزلت أحبتي *** ونسيت نفسي خوف أن أنساكا 
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى *** يارب حلواً قبل أن أهواكا 
أنا كنت ياربي أسير غشاوة *** رانت على قلبي فَضَلَّ سناكا 
واليوم ياربي مسحت غشاوتي *** وبدأت بالقلب البصير أراكا 
ياغافر الذنب العظيم وقابلا *** للتوب: قلبٌ تائب ناجاكا 
أترده وترد صادق توبتي *** حاشاك ترفض تائبا حاشاك 
يارب جئتك نادماً أبكي على *** ما قدمته يداي لا أتباكى 
أنا لست أخشى من لقاء جهنم *** وعذابها لكنني أخشاكا 
أخشى من العرض الرهيب عليك يا *** ربي وأخشى منك إذ ألقاكا 
يارب عدت إلى رحابك تائباً *** مستسلما مستمسكاً بعراكا 
مالي وما للأغنياء وأنت يا *** ربِ الغني ولا يحد غناكا 
مالي وما للأقوياء وأنت يا *** ربي ورب الناس ماأقواكا 
مالي وأبوابِ الملوك وأنت من *** خلق الملوك وقسم الأملاكا 
إني أويتُ لكل مأوى في الحياة *** فما رأيت أعزَّ من مأواكا 
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة *** فلم تجد مَنجَى سوى منجاكا 
وبحثت عن سر السعادة جاهداً *** فوجدت هذا السر في تقواكا 
فليرض عني الناس أو فليسخطوا *** أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا 
أدعوك ياربي لتغفر حوبتي *** وتعينني وتمدني بهداكا 
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي *** ماخاب يوما من دعا ورجاكا 
يارب هذا العصر ألحد عندما *** سخرت ياربي له دنياكا 
علمته من علمك النوويَّ ما *** علمته فإذا به عاداكا 
ما كاد يطلق للعلا صاروخه *** حتى أشاح بوجهه وقلاكا 
واغتر حتى ظن أن الكون في*** يمنى بني الانسان لا يمناكا 
و ما درى الانسان أن جميع ما *** وصلت إليه يداه من نعماكا؟ 
أو ما درى الانسان أنك لو أردت *** لظلت الذرات في مخباكا 
لو شئت ياربي هوى صاروخه *** أو لو أردت لما أستطاع حِراكا 
يأيها الانسان مهلا وائتئد *** واشكر لربك فضل ماأولاكا 
واسجد لمولاك القدير فإنما *** مستحدثاتُ العلم من مولاكا 
الله مازك دون سائر خلقه *** وبنعمة العقل البصير حباكا 
أفإن هداك بعلمه لعجيبة *** تزور عنه وينثني عطفاكا 
إن النواة ولكترنات التي *** تجري يراها الله حين يراكا 
ماكنت تقوى أن تفتت ذرة *** منهن لولا الله الذي سواكا 
كل العجائب صنعة العقل الذي *** هو صنعة الله الذي سواكا 
والعقل ليس بمدركٍ شيئا اذا *** مالله لم يكتب له الإدراكا 
لله في الآفاق آيات لعل *** أقلها هو ما إليه هداكا 
ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناكا 
والكون مشحون بأسرار إذا *** حاولت تفسيراً لها أعياكا 
قل للطبيب تخطفته يد الردى *** ياشافي الأمراض : من أرداكا؟ 
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما *** عجِزت فنون الطب : من عافاكا؟ 
قل للصحيح يموت لا من علة *** من بالمنايا ياصحيح دهاكا؟ 
قل للبصير وكان يحذر حفرة ***فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟ 
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام *** بلا اصطدام : من يقود خطاكا؟ 
قل للجنين يعيش معزولا بلا *** راعٍ ومرعى : مالذي يرعاكا؟ 
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء *** لدى الولادة : مالذي أبكاكا؟ 
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه *** فاسأله : من ذا بالسموم حشاكا؟ 
واسأله كيف تعيش ياثعبان أو *** تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟ 
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ***شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟ 
بل سائل اللبن المصفى كان بين *** دم وفرث مالذي صفاكا؟ 
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا *** ميت فاسأله: من أحياكا؟

قل للهواء تحسه الأيدى ويخفى عن *** عيون الناس من أخفاكا ؟ 
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً *** فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا؟ 
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً *** فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا؟ 
قل للنبات يجف بعد تعهد *** ورعاية : من بالجفاف رماكا؟ 
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو *** وحده فاسأله : من أرباكا؟ 
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا *** أنواره فاسأله : من أسراكا؟ 
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد *** كلّ شيء مالذي أدناكا؟ 
قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمر من دون الثمار غذاكا؟ 
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله : من يا نخل شق نواكا؟ 
وإذا رأيت النار شب لهيبها *** فاسأل لهيب النار: من أوراكا؟ 
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً *** قمم السحاب فسله من أرساكا؟

وإذا ترى ضخرا تفجَّر بالمياه *** فسله من بالماء شق صفاكا ؟ 
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال *** جرى فسله من الذي أجراكا؟ 
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج *** طغى فسله: من الذي أطغاكا؟ 
وإذا رأيت الليل يَغشى داجيا *** فاسأله : من ياليل حاك دُجاكا؟ 
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحِياً *** فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا؟ 
هذي عجائب طالما أُخِذَتْ بها *** عيناك وانفتحت بها أذناكا! 
والله في كل العجائب ماثل *** إن لم تكن لتراه فهو يراكا؟ 
يا أيها الإنسان مهلا مالذي *** بالله جل جلاله أغراكا؟ 
حاذر إذا تغزو الفضاء فربما *** ثآر الفضاء لنفسه فغزاكا؟ 
اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً *** أو مستغلا باغيا سفَّاكا 
إياك أن ترقى بالاستعمار في *** حرم السموات العلا إياكا 
إن السموات العلا حرم طهور *** يحرق المستعمر الأفاكا 
اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح *** إن في تعبقهن هلاكا! 
إن الكواكب سوف يفسد أمرها *** وتسيء عقباها إلى عقباكا 
ولسوف تعلم أن في هذا قيام *** الساعة الكبرى هنا وهناكا 
أنا لا أثبط من جهود العلم أو *** أنا في طريقك أغرس الأشواكا 
لكنني لك ناصح فالعلم إن *** أخطأت في تسخيره أفناكا 
سخر نشاط العلم في حقل الرخاء *** يصغ من الذهب النضار ثراكا 
سخره يملأ بالسلام وبالتعاون *** عالماً متناحراً سفاكا 
وادفع به شر الحياة وسوءها *** وامسح بنعمى نوره بؤساكا 
العلم إحياء وإنشاء وليس *** العلم تدميراً ولا إهلاكا
فإذا أردت العلم منحرفاً فما *** أشقى الحياة به وما أشقاكا

 

    

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

قصيدة الحكم ...لأبي الفتح البستى

 

زيادة المرء في دنياه نقصان      وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له       فإن معناه في التحقيق فقدان
يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً    تالله هل لخراب الدهر عمران؟
ويا حريصاً على الأموال تجمعها    أنسيت أن سرور المال أحزان
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته    أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستعمل فضائلها   فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
دع الفؤاد عن الدنيا وزخرفها       فصفوها كدر والوصل هجران
وأوع سمعك أمثالاً افصلها             كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم       فطالما استعبد الإنسان إحسان
وإن أساء مسيء فليكن لك في       عروض زلته صفح وغفران
وكن على الدهر معواناً لذي أملٍ      يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصماً       فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتقي الله يحمد في عواقبه       ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب         فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعاً فليس له         على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة       إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم        وعاش وهو قرير العين جذلان
من مد طرفاً لفرط الجهل نحو هوى       أغضى على الحق يوماً وهو حزنان
من عاشر الناس لاقى منهم نصباً            لأن أخلاقهم بغي وعدوان
من كان للعقل سلطان عليه غداً       وما على نفسه للحرص سلطان
ومن يفتش على الإخوان يقلهم        فجل إخوان هذا العصر خوان
ولا يغرنك حظ جره خرق       فالخرق هدم ورفق المرء بنيان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة       والحر بالعدل والإحسان يزدان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته         فكل حر لحر الوجه صوان
وإن لقيت عدواً فالقه أبداً           والوجه بالبشر والإشراق غضان
من استشار صروف الدهر قام له       على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه          ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار قام وفي         قميصه منهم صل وثعبان
كن ريق البشر إن المرء همته          صحيفة وعليها البشر عنوان
ورافق الرفق في كل الأمور فلم        يذمم يندم رفيق ولم يذممه إنسان
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة         فلن يدوم على الإنسان إمكان
دع التكاسل في الخيرات تطلبها          فليس يسعد بالخيرات كسلان
لا ظل للمرء أحرى من تقى ونهى       وإن أظلته أوراق وأغصان
الناس إخوان من والته دولته      وهم عليه إذا عادته أعوان
سحبان من غير مال باقل حص       وباقل في ثرآء المال سحبان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً        فلهم غرائز لست تحصيها وأكنان
ما كان ماء كصدآء لوارده        نعم ولا كل نبت فهو سعدان
وللأمور مواقيت مقدرة          وكل أمر له حد وميزان
فلا تكن عجلاً في الأمر تطلبه        فليس يحمد قبل النضج بحران
حسب الفتى عقله خلا يعاشره       إذا تحاماه إخوان وخلان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى       وساكناً وطن مال وطغيان
إذا بنا نباخ بكريم موطن فله        وراءه في بسيط الأرض أوطان
يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده       إن كنت في سنة فالدهر يقظان
يا أيها العالم المرضي سيرته         أبشر فأنت بغير الماء ريان
ويا أخا الجهل لو أصبحت في لججٍ        فأنت ما بينها لاشك ظمآن
لا تحسبن سروراً دائماً أبداً         من سره زمن ساءته أزمان
إذا جفاك خليل كنت تألفه       فاطلب سواه فكل الناس إخوان
وإن نبت بك أوطان نشأت بها       فارحل فكل بلاد الله أوطان
خذها سوائر أمثال مهذبة         فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسانها والطبع صائغها        إن لم يصغها قريع الشعر حسان

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تفت فؤادك الأيام فتا

أبي إسحاق الألبيري

 
تفت فؤادك الأيام فتا * * * وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق * * * ألا يا صاح أنت أريد أنتا
أراك تحب عرسا ذات خدر * * * أبتَّ طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط * * * بها حتى إذا مت انتبهتا
فكم ذا أنت مخدوع وحت * * * متى لا ترعوي عنها وحتى
أبا بكر دعوتك لو أجبتا * * * إلى ما فيه حظك لو عقلتا
إلى علم تكون به إماما * * * مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا
ويجلو ما بعينك من غشاها * * * ويهديك الطرق إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجا * * * ويكسوك الجمال إذا عريتا
ينالك نفعه ما دمت حيا * * * ويبقى ذكره لك إن ذهبتا
هو العضب المهند ليس ينبو * * * تصيب به مقاتل من أردتا
وكنز لا تخاف عليه لصا * * * خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه * * * وينقص إن به كفا شددتا
فلو قد ذقت من حلواه طعما * * * لآثرت التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عنه هوى مطاعٌ * * * ولا دنيا بزخرفها فُتنتا
ولا ألهاك عنه أنيق روضٍ * * * ولا دنيا بزينتها كلفتا
فقوت الروح أرواح المعاني * * * وليس بأن طعمت ولا شربتا
فواظبه وخذ بالجد فيه * * * فإن أعطاكه الله انتفعتا
وإن أعطيت فيه طويل باعٍ * * * وقال الناس إنك قد علمتا
فلا تأمن سؤال الله عنه * * * بتوبيخ : علمتَ فما عملتا
فرأس العلم تقوى الله حقا * * * وليس بأن يقال لقد رأستا
وأفضل ثوبك الإحسان لكن * * * نرى ثوب الإساءة قد لبستا
إذا ما لم يفدك العلم خيرا * * * فخير منه أن لو قد جهلتا
وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ * * * فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ستجني من ثمار العجز جهلا * * * وتصغر في العيون إذا كبرتا
وتُفقد إن جهلت وأنت باق * * * وتوجد إن علمت ولو فُقدتا
وتذكر قولتي لك بعد حين * * * إذا حقا بها يوما عملتا
وإن أهملتها ونبذت نصحا * * * وملت إلى حطام قد جمعتا
فسوف تعض من ندم عليها * * * وما تغني الندامة إن ندمتا
إذا أبصرت صحبك في سماء * * * قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا 
فراجعها ودع عنك الهوينى * * * فما بالبطء تدرك ما طلبتا 
ولا تختَل بمالك والهُ عنه * * * فليس المال إلا ما علمتا
وليس لجاهل في الناس مغن * * * ولو مُلك العراق له تأتا
سينطق عنك علمك في ملاءٍ * * * ويكتب عنك يوما إن كتمتا
وما يغنيك تشييد المباني * * * إذا بالجهل نفسك قد هدمتا
جعلت المال فوق العلم جهلا * * *لعمرك في القضية ما عدلتا
وبينهما بنص الوحي بون * * * ستعلمه إذا طه قرأتا
لئن رفع الغني لواء مال * * * لأنت لواء علمك قد رفعتا
لئن جلس الغني على الحشايا * * * لأنت على الكواكب قد جلستا
وإن ركب الجياد مسومات * * * لأنت مناهج التقوى ركبتا
ومهما افتض أبكار الغواني * * * فكم بكر من الحِكم افتضضتا
وليس يضرك الإقتار شيئا * * * إذا ما أنت ربك قد عرفتا
فماذا عنده لك من جميل * * * إذا بفناء طاعته أنختا
فقابل بالقبول لنصح قولي * * * فإن أعرضت عنه فقد خسرتا
وإن راعيته قولا وفعلا * * * وتاجرت الإله به ربحتا
فليست هذه الدنيا بشيءٍ * * * تسوؤك حقبة وتسر وقتا
وغايتها إذا فكرت فيها * * * كفيئك أو كحلمك إذ حلُمتا
سجنتَ بها وأنت لها محب * * * فكيف تحب ما فيه سجنتا
وتطعمك الطعام وعن قريب* * * ستطعم منك ما فيها طعمتا
وتعرى إن لبست بها ثيابا * * * وتكسى إن ملابسها خلعتا
وتشهد كل يوم دفن خل * * * كأنك لا تراد لما شهدتا
ولم تخلق لتعمرها ولكن * * * لتعبرها فجد لما خلقتا
وإن هدمت فزدها أنت هدما * * * وحصن أمر دينك ما استطعتا
ولا تحزن على ما فات منها * * * إذا ما أنت في أخراك فزتا
فليس بنافع ما نلت منها * * * من الفاني إذا الباقي حرمتا
ولا تضحك مع السفهاء يوما * * * فإنك سوف تبكي إن ضحكتا
ومن لك بالسرور وأنت رهن * * * وما تدري أتُفدى أم غللتا
وسل من ربك التوفيق فيها * * * وأخلص في السؤال إذا سألتا
وناد إذا سجدت له اعترافا * * * بما نادا ذو النون ابن متى
ولازم بابه قرعا عساه * * * سيفتح بابه لك إن قرعتا
وأكثر ذكره في الأرض دأبا * * * لتُذكر في السماء إذا ذكرتا
ولا تقل الصبا فيه امتهال * * * ونكر كم صغير قد دفنتا
وقل يا ناصحي بل أنت أولى * * * بنصحك لو لفعلك قد نظرتا
تقطعني على التفريط لوما * * * وبالتفريط دهرك قد قطعتا
وفي صغري تخوفني المنايا * * * وما تدري بحالك حيث شختا
وكنت مع الصبا أهدى سبيلا * * * فما لك بعد شيبك قد نكثتا
وها أنا لم أخض بحر الخطايا * * * كما قد خضته حتى غرقتا
ولم أشرب حُميا أم دفرٍ * * * وأنت شربتها حتى سكرتا
ولم أنشأ بعصر فيه نفع * * * وأنت نشأت فيه وما انتفعتا
ولم أحلل بواد فيه ظلم * * * وأنت حللت فيه وانتهكتا
لقد صاحبتَ أعلاما كبارا * * * ولم أرك اقتديت بمن صحبتا
وناداك الكتاب فلم تجبه * * * ونبهك المشيب فما انتبهتا
ويقبح بالفتى فعل التصابي * * * وأقبح منه شيخ قد تفتا
ونفسك ذم لا تذمم سواها * * * لعيب فهي أجدر من ذممتا
وأنت أحق بالتفنيد من * * * ولو كنت اللبيب لما نطقتا
ولو بكت الدما عيناك خوفا * * * لذنبك لم أقل لك قد أمنتا
ومن لك بالأمان وأنت عبد * * * أُمرت فما ائتمرت ولا أطعتا
ثقلت من الذنوب ولست تخشى * * * لجهلك أن تخف إذا وزنتا
وتشفق للمصر على المعاصي * * * وترحمه ونفسك ما رحمتا
رجعت القهقرى وخبطت عشوى * * * لعمرك لو وصلت لما رجعتا
ولو وافيت ربك دون ذنب * * * ونوقشت الحساب إذاً هلكتا
ولم يظلمك في عمل ولكن * * * عسير أن تقوم بما حملتا
ولو قد جئت يوم الحشر فردا * * * وأبصرت المنازل فيه شتى
لأعظمت الندامة فيه لهفا * * * على ما في حيتك قد أضعتا
تفر من الهجير وتتقيه * * * فهلا من جهنم قد فررتا
ولست تطيق أهونها عذابا * * * ولو كنت الحديد به لذبتا
ولا تنكر فإن الأمر جد * * * وليس كما حسبت ولا ظننتا
أبا بكر كشفت أقل عيبي * * * وأكثره ومعظمه سترتا
فقل ما شئت في من المخازي * * * وضاعفها فإنك قد صدقتا
ومهما عبتني فلفرط علمي * * * بباطنه كأنك قد مدحتا
فلا ترض المعايب فهو عار * * * عظيم يورث المحبوب مقتا 
وتهوي بالوجيه من الثريا * * * ويبدله مكان الفوق تحتا
كما الطاعات تبلك الدراري * * * وتجعلك القريب وإن بعدتا
وتنشر عنك في الدنيا جميلا * * * وتلقى البر فيها حيث شئتا
وتمشي في مناكبها عزيزا * * * وتجني الحمد فيما قد غرستا
وأنت ان لم تُعرف بعيبٍ* * * ولا دنست ثوبك مذ نشأتا
ولا سابقت في ميدان زورٍ * * * ولا أوضعتَ فيه ولا خببتا
فإن لم تنأ عنه نشبت فيه * * * ومن لك بالخلاص إذا نشبتا
تدنس ما تطهر منك حتى * * * كأنك قبل ذلك ما طهرتا
وصرت أسير ذنبك في وثاق * * * وكيف لك الفكاك وقد أُسرتا
فخف أبناء جنسك واخش منهم * * * كما تخشى الضراغم والسبنتا
السَّبَنتَا : النمر
وخالطهم وزايلهم حِذارا * * * وكن كالسامري إذا لُمستا
وإن جهلوا عليك فقل سلام * * * لعلك سوف تسلم إن فعلتا
ومن لك بالسلامة في زمان * * * تنال العصم إلا إن عصمتا
ولا تلبث بحي فيه ضيمٌ * * * يميت القلب إلا إن كُبلتا
وغرب فالتغرب فيه خير * * *وشرق إن بريقك قد شرقتا
فليس الزهد في الدنيا خمولا * * * لأنت بها الأمير إذا زهدتا
ولو فوق الأمير تكون فيها * * * سموا وارتفاعا كنت أنتا
فإن فارقتها وخرجت منها * * * إلى دار السلام فقد سلمتا
وإن أكرمتها ونظرت فيها * * * لإكرام فنفسك قد أهنتا
جمعتُ لك النصائح فامتثلها * * * حياتك فهي أفضل ما امتثلتا
وطولتُ العتاب وزدت فيه * * * لأنك في البطالة قد أطلتا
ولا يغررك تقصيري وسهوي * * * وخذ بوصيتي لك إن رشدتا
وقد أردفتها تسعا حسانا * * * وكانت قبل ذا مائة وستا
وصلى على تمام الرسل ربي * * * وعترته الكريمة ما ذكرتا 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

bottom of page